ست سنوات على رحيلك المؤلم تنقضي لتتركنا في دوامة سوء الاحوال وقساوة الظروف... ست سنوات تمر على مشاهد الخراب السياسي والانهيار الأمني والانقسام الداخلي، وكأنها لا تريد النظر إلينا وتصر على الهروب من مسار الطريق الذي حرفناه عن الهدف الذي قضيت من أجله يا سيدنا وقائد ثورة الاحرار والابطال !!! اليوم ... في ذكراك السادسه يرتجف القلم أكثر مما مضى ويتساقط منه حبر الألم بغزارة فائقة... فاليوم لو نزفت دفاتر التاريخ حروفها دما لما إستطاعت أن تكتب لرجل في إنسانيتك وحنكتك ورمزيتك ... لشخص ذو مكانة بين الأمم... لرمز وضع منهاج الثورة وأسكت كل قزم ... لقائد هو التاريخ بعينه وهو الموقف الحاسم والاسطورة الساطعة ... فكنت يا سيدي السارية والعلم.اليوم ... وقبل أن نبكي فراقك الموجع تنهمر دموعنا لوعة وحسرة على تلك الاوضاع المخجلة المخزية التي داهمت واقعنا وإغتالت بلا رحمة روح مستقبلنا الذي فارقتنا وانت ترسم خيوطه وتضاريسه البهية لنا وللأجيال القادمة !!! يغيب جسدك المنتصب وتبقى ذكراك ' أبا عمار ' يا أعز الشهداء وأعظمهم ... يا قائدنا و حارس حلمنا الفلسطيني الجميل ... فمن سواك علمنا معنى الصبر والصمود والثبات في شدة البلاء وزرع في نفوسنا كنوز الحب والوفاء لله والارض والوطن !!! من غيرك كان يبدد غمامة الحزن من أعيننا وينتزع الأبتسامة من أفواهنا ويزرع في نفوسنا مبدأ الديمومة والبقاء ، فأنت نهر الحنان ومنارة الرحمة المضيئة !!! أنت الذي خلعت ثوب الدنيا الزائف وتحليت بزي الآخرة الحقيقي - تماما كما تحليت ببدلتك الكاكية وكوفيتك البيضاء الموشحة بالسواد – تلك هي التي كنت تباهي بها الامم وتجبرهم على الاعتراف بفلسطينيتك ونضالك من أجل إعادة الأوطان إلى أصحابها الشرعيين !! فوالله لو كان الموت الحق يفتدى لأفتديناك ' سيدي ' بأرواحنا ولو كانت السنوات تعطى لوهبناك سنوات الصبا والشباب وأحلى أيام العمر.سيدينا وقائدناما أصعب تلك الكلمات التي تهز القلوب وتجبر العيون على إنهمار الدموع عندما تشاهد ذلك القلب الحنون المليء بالعطاء والانتماء والحنان يرحل دون إذن أو موعد!!! ما أصعب تلك اللحظات التي تهتز فيها البلاد حين تشعر أن من كان يصنع لها الامان والأطمئنان قد غاب بلا توقيت أو ميعاد !!! ما أصعب الواقع والأيام التي نعيشها ' يا رمز وحدتنا ' ونحن نستغيث بأسمك ونهجك وعهدك !!! لكنك مازلت تصر على النوم العميق ... لماذا تخذلنا هذه المرة ؟!! لماذا لا تهب لنجدتنا يا صانع المعجزات ويا منقذنا من ألازمات ؟!! يا راعي مسيرتنا ووحدتنا ، يا موحدنا وموجهنا ومعلمنا فن الصمود والتفاني بالعمل وصدق الولاء والانتماء !!! بك يا ' زعيمنا ' شمخت نفوسنا وعلت هممنا ورفعنا رؤوسنا ، فكيف لا نشمخ وأنت تسري في كل شيء جميل في حياتنا مسرى الدم في العروق ؟!! كيف لا نشمخ وأنت من قاد سفينة الحياة بنا فكانت صلابتك ورؤياك هي طريق النجاة إلى بر الآمان ؟!!تأتي ذكراك اليوم أيها القائد المبجل لتزودك بأنباء مخجله ... أعذرني يا صاحب الصدر الحنون يا ' مهندس الثورة الأول ' فوطننا اليوم مليء بمهندسي الهدم والتدمير ومبدعي سرعة التفجير وحرق البيوت على رؤوس سكانها الآمنين !!! آسف يا حارس القلاع وحامي الحصون ' فالمقار التي وضعت حجر الأساس لها قد إنهارت و' المنتدى' المشهور أصبح كالأطلال ' مبنى مجهول ' !!! و' تل الهوى' بلمح البصر قد هوى ... و' السفينة ' البارجة قد غرقت في رمل لا دم فيه ولا ماء !!!آسف سيدي الختيار ... أعرف أن هذه الاخبار لا تسر البال والتفاصيل فيها مقيته إن قرأتها عليك ستبكي علينا دما ودموعا... ولسوف تنتفض غاضبا وتنهض نافضا في وجوهنا التراب والغبار ... أرجوك قائدي ... لا تنتفض ولا تنهض ... فليس هناك ما يسر البال وليس هناك ما يزيل عنا ذلك التراجع والكساح الرهيب ... ليس هناك ما يمحو الدمار ولا العار الذي أطاح بنا ليعيدنا عشرات السنين إلى الوراء !!! فبعد رحيلك يا رمز الثورة وسيد الاوطان... تساقطنا الواحد تلو الآخر وتهافتت علينا الانتكاسات والتراجعات وأستشرت في أوساطنا الكراهية والأحقاد والخلافات... وأستفردت بنا المؤامرات والمكائد من الاعداء وممن كانوا يدعون أنهم شركاء أوفياء !!! لكننا ما زلنا نتحدى وننهض من جديد ونصر على التمسك بالثوابت التي وضعتها لنا.سيدي اليوم وبعد أن ظلمناك يا صاحب القلب الكبير وتعدينا حدودنا معك وأنتهكنا الحرمات التي طالما كنت تحذر من المساس بها، نعاهدك أن لا نحيد عن الهدف الذي قدمت انت وكافة الشهداء أرواحكم من أجله ... نقسم أمامك أن نبقى الأمناء المحافظين على قداسة الدم الفلسطيني وطهارة الثوابت الوطنية والنضالية ... اليوم بالذات نتضرع إلى الله العلي القدير باكين داعين :- يا الله يا رحيم ... قبلنا بقضائك وقدرك بنفوس راضية مطمئنة، لكننا محزونون ... يا الله يا حكيم قبلنا بحكمتك، لكننا مكلومون ... ففراق ربان سفينتنا يدمي القلوب ... وعزاؤنا الوحيد أنه اسس لنضال يستمر وعطاء يتواصل وإنتماء لا ينتهي ... فلك الله ما أعطيت وما أخذت وكل شيء عندك بأجل مسمى وإنا بقضائك راضون ولا نقول إلا ما يرضيك ' وبشر الصابرين الذين أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ' صدق الله العظيم.