عرف شيوخ ابوغوش بأنهم امراء اليمن او الامراء اليمانية ونتيجة لتسيدهم في جبل القدس كان يطلق على مشايخهم شيوخ مشايخ جبل القدس كما هو ثابت في سجلات المحكمة الشرعية. ظهر منهم الشيخ إبراهيم ابوغوش شيخ مشايخ جبال القدس والشيخ عثمان ابوغوش الذي عرف عنه انه جند 500 مقاتل من بني مالك ضد نابليون عام 1899م والشيخ عبدالحميد ابوغوش الذي اشتهر بوطنيته وكان صديقا للسلطان الاطرش والشيخ مصطفى ابوغوش الملقب بسلطان البر والشيخ نمر ابوغوش الذي اقام دولة داخل دولة والشيخ سعيد ابوغوش الذي اشتهر بتدينه ووطنيته.
ومقر عائلة ابوغوش يقع على بقعة "قرية يعاريم" الكنعانبة وكلمة "يعاريم" كلمة كنعانية وتعني "الغابات". وفي العهد العربي الاسلامي عرفت قرية يعاريم باسم "قرية العنب". وفي القرن الثامن عشر حملت هذه البقعة اسم العائلة "ابوغوش". و" أبوغوش" بلدة صغيرة غربي مدينة القدس وتبعد عن القدس حوالي 10 كيلومتر. كانت العائلة عند نزولها جبل القدس مكونة من بضغة افراد اي من اربعة اخوة(إبراهيم وعثمان وجبر وعبد الرحمن)وكبر عدد افراد العائلةعن طريق الزواج والمصاهرة وكبرمعه مقرالعائلة ثم اصبح مجموعة من البيوت, ثم تطورت هذه البيوت إلى بلدة صغيرة. وتتميز أبوغوش عن البلدان الأخرى بأن جميع سكانها من عائلة واحدة. وتسمى أيضا "قرية أبوغوش" بسبب حجمها الصغير وموقعها بين القرى القريبة من مدينة القدس, ولكنها تختلف عن القرى بأن أهلها (النساء) كن يلبسن الزي المدني التركي "الكاب" المألوف في المدن الفلسطينية.
تاريخ العائلة
في اوائل القرن السادس عشر عهد السلطان سليمان إلى ال ابوغوش حماية الحجاج الأجانب الذين كانوا يصعدون إلى القدس ومنحهم "فرمان" يسمح لهم بفرض اتاوة (خاوة) على الحجاج و السياح الأجانب, وهي رسوم كانت تفرض على الاجانب الذين يسلكون الطريق من الساحل إلى القدس. أما الكنائس والاديرة المسيحية في القدس فكانت تحصل على حق المرور لزوارها مقابل دفع رسوم لال ابوغوش بانتظام(انظر الكسندر شولش الترجمة العربية).
كانت فلسطين تشكل الجزء الجنوبي من سوريا والحكومة السورية كانت حكومة لامركزبة اي اقطاعات تحكمها حكومة امراء ومشايخ. وكان كل شيخ يمارس نوع من الحكم الذاتي على منطقتته. فكان ال ابوغوش يحكمون بني مالك وبني حسن وبني زيد وبني مرة وبني سالم في مناطق جبال القدس والوادية وكان شيوخ هذه المناطف جميعهم تابعين لسلطة ال ابوغوش (قارن فين: ستيرينج تايمز, قارن ايضا الدباغ: بلادنا فلسطين). وكان يتبع منطقة بني مالك اي ال أبوغوش زهاء 22 قرية. كان ال ابوغوش يفرضون على فلاحي المناطق الواقعة تحت سيطرتهم ضرائب رسمية واتاوات وغرامات غير منتظمة ويسلمون نسبة منها إلى الحكام العثمانيين المختصين اثناء حملات جمع الضرائب. وكانت علاقة فلاحي القرى المذكورة اعلاه وال ابوغوش علاقة ولاء يتمتع من خلالها الفلاحون بحماية ورعاية ال ابوغوش. واذا اختلف اثنان كانا يتقاضيان عند شيخ ابوغوش زعيم العائلة ويقبلون حكمه لا محالة. ومن خالف العادات او اخل بالتقالبد سجن في سجنهم. استعمل ال ابوغوش كنيسة قديمة كسجن لسجنائهم. كما كان لال ابوغوش عسكر هدفه حفظ الامان والدفاع عن المنطقة التابعة لهم. فكانت السلطة القضائية والتنفيذة والعسكرية والاجتماعية جميعها في أيدي زعماء ال أبوغوش في تلك المناطق.
تميزت ابوغوش حينذاك ببيوتها الحجرية المنيعة, كما تميزت ببرجها المحصن الملفت للنظر وهو المقرالرئيسي لشيخ العائلة الذي وصف من قبل الأوروبيين السياح بأنة "قصر حقيقي .... وكأنة حصن دفاعي" (قارن تيشندورق ص 165 , فارن ايضا شولش الكسندر, الترجمة العربية ص 224). تميزت ابوغوش أيضا ببقايا كنيسة صليبية مصونة صونا جيدا استعملت كاسطبل لخيول ال ابوغوش (نفس المصدر) وبقايا كنيسة اخرى بيزنطية اتخذها ال ابوغوش سجنا لسجنائهم من عام 1756 إلى عام 1834 حيث استولى عليها الحاكم المصري أثناء احتلال مصر لفلسطين (1831-1840).
روي عن الليدي ستانهوب (ابنة لورد إنكليزي وابنة اخت رئيس وزراء بريطانيا ويليام بيت وقريبة سير سيدني سميث الذي كان له مع الشيخ إبراهيم ابوغوش, زعيم ال ابوغوش في ذلك الوقت, مراسلات عندما كان يحاصرعكا وانتصر فيها على قوة نابوليون) عندما زارت القدس انها سافرت من مصر إلى يافا حيث خرجت راكبة إلى القدس تحف بها كوكبة عظيمة من الحرس. وجرت العادة قي ذلك الوقت ان كل مسافر إلى القدس مارا بأبوغوش عليه ان يقدم احترامه إلى شيخها, وعندما اقتربت الليدي ستانهوب من برج العائلة نزلت لتقدم احترامها للشيخ. وروي عن الشيخ إبراهيم ابوغوش انه أعجب بتلك السيدة لدرجة انه اقام لها مأدبة غداء وسرح الحراس ليحرسها بنفسه. وكان ذلك قي عام 1811 م (قارن رحلة كنغليك إلى المشرق, الترجمة العربية-عمان 1971 ص 33) كما روي أن الليدي ستانهوب عادت مرة اخرى في العام التالى وقابلت الشيخ إبراهيم ابوغوش للمرة الثانية وسرالشيخ ابوغوش بقدومها واصر ان يرافقها بصحبة حاشيته إلى القدس (نفس المصدر).
وهذه احدى الوثائق التاريخية من سجلا ت المحكمة الشرعية تبين علاقة ال ابوغوش بحراسة الطريق وثيقة عمرها 200سنة تقريباعام 1232 هجري حيث تبين هذه الوثيقة ان الشيخ إبراهيم ابوغوش يتنازل عن حق عائلة ابوغوش من المعتادالتي تاخذها من بطريك الفرنج عند دخوله مدينة القدس فقط(انه لما كان بحسب القوانين السلطانية لاجل المحافظة والمحارسة مرتبا من قديم الزمان على طايفة الروم القاطنين بدير العامود حتى دخول ريسهم إلى محروسة القدس مبلغا من معلوم مقدرا إلى عرب الحارات وعرب العويسات بموجب الدفاتر القديمة المختومة بختمهم إلى عائلة ابوغوش حضريوم تاريخه عمدةالمشايخ الموقرين الشيخ إبراهيم ابوغوش شيخ مشايخ قرا القدس الشريف والمتكلم على عايلتهم عايلة ابوغوش المزكور وحضر بحضوره فخر ملته المسيحية الراهب كلانتوسيوس وكيل رهبان الفرنج المرسومين واقرواعترف واشهد على نفسه الشيخ إبراهيم ابوغوش بحسب اختياره ورضاه عن طيب قلب وانشراح صدر من غير اكراه له في ذلك ولا اجبار عالما بمعنى هذا الاشهاد وما يترتب عليه بحسب كلمته وشيخته واصالته واشهد على نفسه ان هذا المعتاد المزكور المرتب لعايلتنا عايلة ابوغوش حين دخول وذهاب الريس من القدس وضبطه منصب المريسة بالقدس الشريف وانه اذا اراد الريس المرسوم واراد التوجه لبلاده فلا نطالبه بشيء وايضا اذا اراد الريس المسفور الخروج من القدس لزيارة بعض المحلات بهذا الاقليم وبهذه الديار وهذا يسمونه فيما بينهم الدورة ثم يرجع بنفسه للقدسوانه برضاناقد اسقطنا حقنا من المعتاد المرتب لعايلتنا عايلة ابوغوش حين ذهاب الريس من القدس لبلاده وجعلنا بدله حين حضور الريس للقدس ناخذ المعتاد لنا بموجب الوصولات المختومات بختمنا وان وكيل الفرنج المتكلم على جماعته المرسوم قبل ورضىينا بذلك وكلامنا قبل هذا وارتضاه والزم العمل بمقتضاه ومن الان وصاعدا ليس لنا حق عند الرهبان المرسومين الا بوقت دخول الريس فقط كما ذكر وانه عند خروجه ليس لنا عندهم لاجزى ولا مصرية الفرد اقرارا واعترافا واشهادا صحيحا شرعيا .وصدق على ذلك كله وكيل الافرنج المرسوم وقبل ذلك وارتضاه كما ذكر وشرح اعلاه وعلى بما وقع تحديدا في غزة شهر رجب الفرد سنة اثنتين وثلاثين ومئتين وألف.
وبعد احتلال فلسطين عام 1831 م ألغي محمد علي حاكم مصر الرسوم التي كانت تفرض على الحجاج الاجانب في فلسطين, مما كان له تأثير سلبي على ايراد ال ابوغوش السنوي (المخطوطات الملكية المصرية). قام الحاكم المصري في فلسطين بفتح أول قنصلية بريطانية في القدس. وبعد فترة وجيزة تلت قنصليات أوروبية اخرى. فكانت تلك القنصليات أول بذور تزرع في ارض فلسطين للوجود والتوغل الاجنبي. واعترض الشيوخ الاقطاعيون على تلك السياسة وعلى رأسهم ال ابوغوش, ورفضوا الاعتراف بالحاكم المصري. وجرت معارك عنيفة في القدس بين ال أبوغوش والحاكم المصري في فلسطين. وفي عام 1834 قام الحاكم المصري إبراهيم باشا(وهو ابن محمد علي) بشن هجومات مفاجئة عنيفة على ال ابوغوش انتقاما للمعارك التي قام بها ال ابوغوش في القدس وقام الجنرال إبراهيم بتدمير قصر ابوغوش واستولى على الكنيسةالتي كانت تستعمل سجنا لسجناء ال ابوغوش. وقيل ان الحاكم المصري سلم بقايا تلك الكنيسة للقنصل الفرنسي فيما بعد. وكان الشيخ إبراهيم ابوغوش قد توفي عام 1831 بعد احتلال مصر لفلسطين بقليل. خلف الشيخ إبراهيم ابوغوش الشيخ جبر ابوغوش الذي تزعم ال ابوغوش أثناء تلك الحملة . كما دمر الجنرال إبراهيم حصنا لال ابوغوش في قرية صوبا المجاورة لابوغوش. وبعد عودة العثمانيين 1840 طرد الحاكم المصري من فلسطين وعين السلطان ال ابوغوش على المنطقة من جديدومنحهم فرمان يسمح لهم بفرض الرسوم على الحجاج والسياح من الساحل إلى القدس (انظر فين -قنصل بريطانيا في القدس- ستيرينج تايمس, ص 232) مما أغضب القناصل الأوروبيين. اضطرت الدولة العثمانية إلى ان تغمض عينيها على استمرار نشاط القنصليات في فلسطين بسبب مساندة الدول الأوروبية له في اعادة بلاد الشام إلى الدولة العثمانية.
وفي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي بدء عهد جديد وهو عهد التنظيمات والاصلاحات للدولة العثمانية. كان المسؤولون في القسطنطنية يعتبرون شيوخ الجبال الفلسطينية عوائف في تنفيذ الاصلاحات والتنظيم الاداري الجديد وكانوا يؤمنون بانه لا يمكن تنفيذ مشاريع الدولة الجديدة الا من قبل حكومة مركزبة قوية وتجريد العائلات الحاكمة من سلطتها. فاصبح من أهم اهداف السياسة العثمانية تقويض نفوذ العائلات الراسخة وجعلهم ينقادون للسلطة المركزية. ففي عام 1860 تلقى قناصل الدول الأوروبية تعليمات بان بقفوا إلى جانب السلطة المركزية ضد سلطة الشيوخ المحليين. وقصفت انذاك بمساعدة بريطانية القرى التابعة للشيوخ المتمردين. وتحولت السلطات المحلية لشيوخ العائلات إلى سلطة مركزية يراسها حاكم متصرفية تركي مقره مدينة القدس. وقال فين, قنصل بريطانيا في القدس متشفيا "اجنحتهم (ال ابوغوش) كانت قد قصت إلى حد بعيد" (شولش الكسندر,الترجمة ص.272).
تزعم ال ابوغوش حينذاك الشيخ مصطقى ابوغوس شيخ مشايخ جبال القدس الملقب "سلطان البر" كما ورد في سجلات المحكمة الشرعية. قاد الشيخ مصطفى جيشا مؤلفا من 12,000 مقاتل في حملة واسعة لاعادة نفوذ العائلة واصطدم مع السلطات حيث استمر في زعامة المنطقة مما اجبر السلطات العثمانية بالاعتراف بالامر الواقع. تزعم الشيخ مصطفى المنطقة رغم انف السلطات العثمانية حتى وفاته عام 1863م . والشيخ مصطفى هو جد(أبو ام)الاديب الفلسطيني المشهور محمد اسعاف النشاشيبي.