عندما خاطب إبراهيم (عليه السلام) أباه، لم يقل له: "يا كافر!" أو "يا مشرك!" أو "يا ضال!" أو "يا مضلّ!" أو يا "صانع الأصنام!" مع أنّ كل هذه الأوصاف تنطبق على أبيه، قال تعالى:
"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا
إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا
يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا
يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا
يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا" (مريم :41-45)
خاطب إبراهيم (عليه السلام) أباه قائلاً : "يا أبتِ!"
و قال تعالى عن نبيّه نوح (عليه السلام):
"قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّيَ وَآتَانِي رَحْمَةً مِّنْ عِندِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنتُمْ لَهَا كَارِهُونَ
وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَمَآ أَنَاْ بِطَارِدِ الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ
وَيَا قَوْمِ مَن يَنصُرُنِي مِنَ اللّهِ إِن طَرَدتُّهُمْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ"(هود:28-30)
"يا قوم!" نداء يفتح القلوب و يذكّر بالرابطة التي تربط بين الدّاعي و المدعو، و بأن الدّاعي حريص على مصلحة المدعو و هدايته، و هذا أحرى أن يطفأ نار التعصب و يفتح الآذان و العقول و القلوب لتقبّل الحقّ، أليس كذلك؟
و لمن أراد أن يعرف كيف كان أنبياء الله يخاطبون أقوامهم، فليقرأ سورة هود.
و نبيّنا (صلى الله عليه و آله و سلّم) كان يخاطب الناس بما لا ينفّرهم، فخاطب عمّه أبا طالب داعياً له لشهادة ألا إله إلا الله و هو على فراش الموت قائلاً: "يا عم!"
و كذلك خاطب عتبة بن ربيعة - الّذي جاء يعرض عليه المال و الجاه و السلطان و النساء ليترك دينه – قائلاً: "أفرغت يا أبا الوليد!"
هذه طريقة الأنبياء في مخاطبة الكافرين و دعوتهم، فهم أعلم بأنّ الله جعل من طبيعة البشر أن ينفروا ممن يغلظ عليهم و لو كان محقّاً.
و لذا أقول بأنّه ليس من حكمة الدعوة إلى الله عندما نخاطب شيعياً أن نقول له : "يا رافضي!" فإنّ هذا أحرى بأن يغلق سمعه و بصره و بصيرته عن استماع الحقّ منك.
صحيح أنّ الشيعة الاثني عشريّة هم "الرافضة" – كما سمّاهم زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (رحمه الله) – و لكن عند الحوار يجب أن نخاطبهم بالتي هي أحسن كما أمرنا الله سبحانه في كتابه الكريم، أليس كذلك؟
و الله من وراء القصد، و السلام.
إذا قمت بنفس الأمور و بنفس الطريقة، فلا تتوقع نتائج مختلفة!