حلمي الجميل
مر حلمي من هنا و قد استعدت ذكراه منذ مدة
كنت وحدي أنتظره لعله يأتي و نزرع الورد معا
فجاء على جناح السرعة و قال اربط أحزمتك
فنحن مسافرون
قلت إلى أين ؟... وهنا مضارب الحنين
هنا كان فرشنا حصير وكانت كسرتنا شعير
كانت أمي هنا...
تربت علي و أبكي على صدرها و أنا كبير
لا يضيرني شيء من ضحك الأنداد
أدغدغها ألامس شعرها أداعبها و هي تحنو علي
و تقل نم يا بني أنت بكري... أنت الصغير الكبير
كيف أغدو من هنا... و أنا هنا منذ سنين
منذ نعومة أظافري مذ رأيت وجهها... وهنا غرست جذور الياسمين
و كل ما ترى من عالم جميل..
هنا تساقطت أوراق صفراء معلنة بداية الخريف
هنا هطلت أمطار الشتاء وهنا نبتت تواشيح الأحزان
هنا هبت علينا أعاصير و تساقطت ثلوج وهنا أخذت صورة تذكارية مع أبي و أمي
وفي هذا المكان بردت قلوب و انسكبت دموع حارة بدون أنين
فأين تريد أن نذهب ؟
آه لو تبقى معي لمسحنا سحنة السماء من سحب الأدخنة
لرأينا معا العالم الجميل دون أقنعة
نعشقه معا ننام في كنفه معا نغازل لياليه نتسلى بنجومه و نترصد الثريات القادمة من الشرق
أبقى معي و لا تغادر و دع عنك الرحيل يا حلمي الجميل
قال الأرض ليست أرضي...فهيا بنا نبحث عن وطن بديل
و دع عنك الحصير و كسرة الشعير فهناك ربما نجد الفرش الوثير والقصر المشيد بالمرمر و اللبس المطرز بالحرير
هيا نغادر الديار فلا مقام لنا هنا
هيا نركب الجواد و نركض نبتعد من هنا
ففي الأفق النائي أرض خصبة و مياه عذبة و عشب أخضر و لعلنا نطير مع
العصافير في الروابي و على ضفاف الغدير لنقص قصصا جديدة و نحيا حياة رغيدة
هيا بنا هيا... قبل أن يداهمك الشوق و يأخذك الحنين.
قلت له أبدا..أبدا !!
هنا ماتت أمي و هنا مات حبي وهنا أعيش في كنف أبي... إما نحيا هنا و إما لا رحيل يا حلمي الجميل.