ليس وراء كل رجل عظيم دائما امرأة. قد تكون خلف الرجل شجرة, أو دولة, أو فكرة, أو طفل, أو رجل, أو يكون خلفه عائلة.
لم يحد لنا المثل السائر عبر الزمن ماهي مواصفات هذه المرأة: جميلة أم بشعة ؟ غاضبة أم حنونة ؟ زوجة ام عشيقة
؟ وما نعرفه مثلاً أن زوجة الفيلسوف سقراط كانت امرأة نكدة , , ونكَّدت
عليه حياته , وكانت تشتمه وتعيره أمام الناس , وربما صار فيلسوفا بسببها.
هل المطلوب امرأة شريرة لنكون عظماء ؟
وهل من الضروري أن تكون المرأة حلف الرجل العظيم ؟
ولماذا لاتكون أساسا أمامه في الصفوف الأمامية لمعركته مع الحياة , مستطلعة , مقتحمة , كاسحة الألغام أمامه ؟
ويحدث أن تكون مجاورة له , تتأبطه , ترافقه يداً بيد , وليست خلفه لتدفشه نحو المجد أو الهاوية.
الوراء لا يعني دائماً الخلف
, وربَّ رجل عظيم تقف خلفه امرأة ما ورائيَّة غير منظورة , كأشباح الماضي
مثلاً , وربما ثمة امرأة تركض أمامه ويجري خلفها , هي امرأة ضوء يلحقه ,
وليست من لحم ودم , وإنما من وهم , ونطلق عليهن اسم (( بنات الخيال)).
هل
النساء الوراء الساكنات في الظل والعتمة لأجل رجل , كأنهن شموع الخفاء ,
منورات دروبه وزواراه المعتمة , ويقضين العمر منارات لمراكب الرجال الهائجة
وسط بحر الحياة , في عز العواصف الكونية , هنَّ المرشدات والبوصلة
والاتجاهات ومركب النجاة لسفن الرجال الغارقة ؟
بصراحة , هل نحن الرجال العظماء نقول (( شكرا )) لمن جعلن أكتافهن سلماً لمجد الرجال ؟
وإذا قلنا شكرا لا نقولها إلا بعد فوات الأوان , وربما بعد غياب أو موت شريكتنا , ونقع قي ندم متاخر .
لماذا ينكر الرجل فضل امرأة عليه , حين يشكرها تخرج الكلمات من فمه بطيئة وعلى خجل أو رفع عتب ؟
لماذا يشعر الرجل بأن ذكاء المرأة إهانة له ؟
يولد الرجال من نطفة عتمة , ويفتشون عن ضوء نسائي يرشدهم , وكأن المرأة
تولد من قطرة شمس , ولا دور لها سوى أن تنهض وتشرق لأجله , فتكون شمسه
ومصباحه وشمعته , أي تكون مهنتها المسؤولة عن كل أدوات الإضاءة , لتضئ هذا
الرجل العظيم الذي يحتل خشبة الحياة , ويتلقى وحده آهات الإعجاب والتصفيق
المتواصل , وينسى هذا الرجل العظيم امرأة في الكواليس تنتظره بلهفة ليقول
لها (( شكراً )) لكنه يقفز صوب الجمهور ويغيب .
مما قرأت واعجبني