"كم تبلغ من العمر؟ هذا يتوقّف على إحساسك."-(مثل إنكليزي)...
"وعمّ نورُ الشيب رأسي فسرّني////وما ساءني أنّ السّراجَ مُنَوَّرُ.-(الوراق المصري)
"سي الباجي" الوزير الأول رقم 2 في عهد الثورة التونسية ليس من شبابها وفقا لأحكام شهادة ميلاده التي تنسبه إلى الربع الأول من القرن الماضي...لم يتزامن عهد شبابه مع "الفيسبوك" ولا أحسب أنه تدارك الأمر اليوم بفتح حساب شخصي في هذا الموقع الاجتماعي الافتراضي للتواصل مع شباب "الجنرال"،بيد أنّي لا أشكّ في قدرة "سي الباجي" على حذق فنّ الاتصال المباشر واقا لا افتراضا...وإلاّ كيف قفز الرجل إلى سدّة رئاسة الحكومة في عهد أوج توهّج ثورة الشباب؟..
ثورتنا اليوم يقودها وقار الشيوخ... هذا يعني أنّ طبيخها الشهيّ-على الطريقة التونسية- يعدّ في آنية طبخ أثرية،قدْر عتيق من "الفُخَار الزّمْني" يفوح بتوابل "بيت المُونَة البَلْدي"،هناك حيث "سيدي بوسعيد" رسْما من الألوان الزاهية في ذات أشعة الشمس وزرقة البحر والأمواج المسترخية على ضفاف الرمال الذهبية والهضاب وغابة المرسى كشلاّل من خصلات شَعْر حسناء أسطورية...الباجي قايد السبسي حداثة في عمق التاريخ التونسي أو هو أصالة الحداثة التونسية...خرّيج مدرسة النضال البورقيبي في التحرير وبناء دولة استقلال كما اختزلها في عنوان كتابه:"الحبيب بورقيبة،البذرة الصالحة والزؤام"...
الخطاب "السيدي بوسعيدي" من ذلك السهل الممتنع المستساغ،خطاب بورقيبي معتّق يفوح منه تبغ "السّبسي" أو الغليون المخلوط بحشائش وأزهار وروائح ذات نكهة تونسية خالصة،ذات نكهة قد تعجز عن تحديد تركيبتها لكنّ عبقها من ذات تربة حضارة وإبداع...
أحسب أنّ "سي الباجي" يُثني على أقدار ذلك اليوم الذي أطرد فيه من حزب الدستور ذات عقد سبعيني من القرن الماضي،وإلاّ لآل به الأمر،حاضرا،إلى أروقة قصر العدالة...
تُرى الثورة حداثة أم تراث ؟...
يُخيّل لي أني أرى اليوم -فيما أرى- شابا "سيدي بوزيديا"،"فايسبوكيا" يلبس"الجُبّة الخَمْري" و"الشاشية التونسية" ويلتحف برنسا وهو يُدخن نرجيلته ممدّدا على أريكة في مقهى "سيدي بوسعيد"،إنه أيضا يتأمّل بإعجاب الشيخ "الباجي" وهو يتسلّق راكضا ذات ربوة المقهى في زيّ رياضي شبابي عصري أنيق...
أذكر أنّ مطلع أغنية تراثية تونسية يقول:
على رايس الأبحار
يا رفيقي على الله يا "باجــي"...