إحساس رهيب يجتاح قلبه، صورتها لم تفارق الذاكرة، تُرى هل حدث معها أيمكروه؟! لماذا لم تأت لزيارتي بالأمس؟! هل ابني بخير؟! يا إلهي مَن يأتينيبالأخبار عنهما؟! اللعنة على هذه الرطوبة التي تتسلل إلى جسدي، نظر حولهفوجد جدران الغرفة وقد أكلتها العفونة، أشعة الشمس تخترق نافذة في زاويةمن زوايا الغرفة، تحاول أن تدفئ الجسد وتأكل رطوبته.
أخذ يتذكر وجهها، وعينيها اللتين لطالما اخترقت سهامهما قلبه، فتسري رعشة في جسده، وتثور براكين لا تسطيع امراة غيرها أن تطفئها.
حينماأصدرت المحكمة حكمها عليه (بالمؤبد)، شعر بالصمت يلف المكان، لم يعد يرىسوى صورتها، والدموع تنزل من عينيها اللوزيتين، لم ولن ينسى صورتها وهيتحضن ابنهما، نظرت إليه نظرة شعر بأنها تعاتبه، "ما كان عليك أن تحب الوطنأكثر مني ومن ابنك"، نظرات كان وقعها عليه أكثر ألماً من الحكم.
كانت دائما تعاتبني وتقول لي: أشعر بأنك تخونني مع امرأة أخرى اسمها (الوطن)، لن أجعلك تحبها أكثر مني.
كنت أقول لها: استمدُ حبكِ من حبي للأرض.
هواجس تضرب برأسه كحفر مسامير في الجدران، هل أعطيها حريتها؟ كيف سيكون وقع الخبر عليها؟
غيوم سوداء تتشكل أمام عينيه، صداع لا يفارق رأسه....، وجع لا يفارق جسده.
لا، لا، هي لن تطلب الانفصال عني، أنا متأكد من حبها لي....
ومرتالأيام والحزن ينغرس في تفاصيل الجسد، انقطعت أخبارها، تذكر كيف كانت فيزيارتها الأخيرة، لقد ودعتني وفي عينيها لهفة اللقاء، حبيبتي لماذا هذاالعذاب؟! لماذا؟؟؟؟؟
- رسالة لك.
- هاتها.
فتح الرسالة، كانت منها هي، نعم، أشتم رائحة أناملها، فتح الرسالة والفرح يدغدغ قلبه، ويملأ المكان.
قرأالكلمات، بدأت الحروف تضيع، تتلاشى، لا يصدق، مستحيل... هي ليست هي، ماكان عليكِ أن تطلبي الانفصال، أنا كنت سأقدمه لك...، لا أريد لجسدك أنيبقى أسيراً كجسدي، كنت سأحررك من حبي، العقل هو الذي يقول، ولكن اعلميبأن قلبي سيبقى أسير بحبك حتى وأنا ألفظ آخر أنفاسي، ولكن أن تطلبي أنتالانفصال، فهو كخروج خنجر مغروس في الجسد.
.........
- زيارة لك.
لم يصدق، هي، نعم إنها هي، ماذا تريد بعد؟!! هل ستحاول قتلي مرة ثانية؟!
كانت تشعر بالخوف، تقدمت بخطوات مترددة، نظرت إليه وفي عينيها ألم وحزن وشوق.
- أنا آسفة، منحت جسدي لرجل غيرك، ولكن صدقني لم أستطع أن أمنحه قلبي.
كادالقلب يضعف أمام نظرات عينيها، نظر إليها وكادت اللهفة تنفلت وتطلقآهاتها، ولكنه تذكر كلماتها التي قتلت أحاسيسه، وجعلت القلب بارداً كقطعةجليد....
- ... أشاح بوجهه عنها، وانفلتت بعض كلمات من شفتيه:
اذهبي فلم يعد قلبي يتسع لامرأتين...