هكذا ولد رمضان غيرني .. رب واجعله رضيا!
بقلم: الشيخ الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الأحمد
كثيراً ما سألني بعض الإخوة عن فكرة برنامج رمضان غيرني، كيف ولدت وترعرعت حتى غدت برنامجاً يافعاً؟! وأجدني أمام تلك المسيرة أقف متأملاً لما تضمنته من خطوات تلاحقت حتى وصلنا إلى هذا المستوى الكبير بحمد الله تعالى ..
لقد بدأ الأمر ككل حينما أجلتُ عيني في الساحة الإعلامية والتربوية، فوجدت شهر رمضان الكريم خالٍ من البرامج المؤصلة شرعياً، والمتخصصة نفسياً وتربوياً، والمحكمة علمياً، ووجدت الميدان بين الطرح المحافظ وغير المحافظ، فالأول هو الطرح الوعظي و الفقهي وغالبه مبني على الإنشاء والتعليم، وهذا طرح مهم ويحتاجه الناس، لكنه لا يكفي في معرفة آثار العبادات في نفوس البشر.
أما الطرح الآخر فهو غير المحافظ، وهو الذي يتجه لاختزال رمضان في اللعب والمسلسلات والتمثيل وغيرها، مما يسلب من رمضان جماله وروحانيته ولا يحقق الهدف الرئيس لهذا الشهر ..
وقد تساءلت حينها: لماذا لا يطرح برنامج يحمل الأصول الشرعية العلمية ويتجه نحو التطبيق العملي الذي يمكن قياسه، سيّما وهذه الأمور موجودة في رمضان؟!، فاتجه الأمر حينئذ إلى إلقاء برنامج قبل أربع سنوات (عام 1426هـ) في إذاعة القرآن الكريم بعنوان: رمضان البرنامج التغييري الكبير للذوات..وكانت له أصداء جيدة من بعض المهتمين وصفوا فيها طرح البرنامج بأنه متجه للأساليب العملية التي توصل لأهداف محددة يمكن قياسها وفق جدولة زمنية.
ثم اقترح عليَّ بعضهم إخراج ما طــُرح في الإذاعة في محاضرة شاملة، ففعلتُ ذلك في محاضرة تبعتها اقتراحات وصلتني سدّت جوانب النقص وبدأت بصقل الفكرة في ذهني، مما دفعنا لإصدار كتيب مفصل بالبرنامج، طبعت منه آلاف النسخ بحمد الله ووزعت قبل قرابة ثلاث سنوات (عام 1427هـ).
وتطور الأمر وكبر حين اطلع بعض المختصين على الكتيب، فرشحوه ليكون بحثاً محكماً خاصة مع توفر القاعدة النظرية والأهداف والأساليب، مع التأكيد على ضرورة تطبيق البرنامج عملياً على الصائمين وأخذ التغذية الراجعة منهم وقياسهم قبل البرنامج وبعده لتكون الدراسة متكاملة، فقمت حينئذ بالتشاور مع الإخوة في مجلس إدارة مركز حلول حول تطبيق البرنامج، فأقروا القيام بالتجربة العام الماضي على نطاق محدود، وهيأ له موقع مخصص وأدرجت فيه الاختبارات وسجل فيه 150 اسماً من عدة دول، وظهر في مجملهم تغير، ونال بعضهم السبق وأخذ جوائز مرصودة من قبلنا من باب التحفيز، سلمت لهم في حفل بهيج!
إثر ذلك تمت الاجتماعات المتتالية مع اللجان المختصة لدراسة الإيجابيات والسلبيات، وفوجئنا من كثرة ردود الفعل من المشاركين والمتابعين الداعية لضرورة توسيعه على نطاق العالم وعلى الشبكة العنكبوتية والقنوات الفضائية، فوضعت لجان عاملة مخصصة لهذا البرنامج متفرعة من مركز حلول للاستشارات والتدريب.
والآن، ها هو البرنامج بين أيدينا، ليحكي لنا مسيرة فكرة نمت حتى غدت واقعاً معاشاً، نقرأه في الموقع، ونتابعه في التلفاز، ونطبقه على أنفسنا، ليخرج كل منا من رمضان وقد قالها بكل إيمان: نعم .. رمضان غيرني!