ِلأمُتْ وفي كتفي بقايا بندقية ..
فلسطيني يحكي ما دار بينه وبين الشرطي عندما حاول عبور نقطة حدود عربية:
ووقفت أحمل في يدي نصف حقيبةْ
عند حد صنعته يد أخر وغريبةْ
عند حد عربي ويكنى بالعروبةْ
رفع الشرطي رأسهْ
لم أكد أسمع همسهْ
قال لي: أين الجواز؟
قلت لا أفقه ما تسألُ عن أي جوازْ
قال وا سخفك! من دون احترازْ
جئت تبغي حدنا هذا اجتيازْ
جئتَ تبغي حدنا دونَ جوازْ
في الدنا يا صاح من يعبر من غيرجواز؟
قلت إلا أنا
هكذا أمري أنا
ليس غيري في الدنا هذي العجيبةْ
من يسمون أراضيه التي بيعت سليبةْ
من يكنون بلاداً خانها الأهل حبيبةْ
رفع الشرطي رأسهْ
قال لا تكثر ومن أنت وقل لي ما تريد؟
ما اسمك عنوانك رقم الدار صندوق البريد؟
قلت اسمع:
هذه أوصاف من كان له بيت مشيد
هذه أسماء لا يعرفها مثلي شريدْ
أنا لاجئ وابن لاجئ
وأخي يحمل صحنا خلف طابور الوكالة
ولي ابن انس اللعب بصندوق الزبالة
أنا لا أملك بيتْ
أنا لا أملك عنوانا ولا بئرالزيت
أنا لا أملك رقما لهوية
أنا لا أملك في الأصل هوية
ليس كرها بالهوية
بل لأني مذ خلقت، بل لأني مذ نشأت
لم أجد من يعطني تلك الهوية
رفع الشرطي رأسه
قال لا تطنب فقد حُذرت ان آتي السياسة
أنا لا أهوى السياسةْ
علموني بفراسة
مسلك الشرطي لا يأتي السياسة
أو سيأتون برأسه
قلت أسمع: هذه ليست سياسة
هذه قصة أمري والحكاية
قبل أعوام ثلاثين وقد عشت البداية
كنت طفلا يومها يمسك في ذيل أبيه
يشكو الجوع والإجهاد وفقدان أخيه
نمتطي الغربة والمجهول لا نعرف أينْ
كان كل البيت فوق الرأس صرّة
كان كل البيت أسمالاً وإبريقاً وجرّة
ثم جاء الجسر والتفتيش خوفاً
من حفاةٍ لاجئين
ووقفنا فوق جسر العار جسر اللنبي
بين النازحين
يسألونا إن نكن نرغب في العيش كراماً لاجئين
لا تخافوا الجوع والأمطار أو حتى البطالة
فهنا فرع لصندوق الوكالة
أي نعم والله صندوق الوكالة
إنه صندوق غوث اللاجئين
قدمته الأمم الحرة عوناً
فحساء كل يوم
مع زيتون وجبنة
وهنا خيمة درس إن تريدون الدراسة
كل ما تبغون الا ان تمسون السياسة
فدعونا نحن حكام السياسة
سنحل الأمر بالعقل والفطنة
وأصول الكياسة
أنت تبقى داخل الخيمة من أجل الحراسة
أنت تبقى داخل الخيمة من غير حماسة
أنت لا تشكو هماً
أنت لا تعرف ضيماً
غنهم فيروز لحناً
ستعود القدس يوماً
صدقونا انها ليست هزيمةْ
إنها ليل انتكاسة
صدقونا كل ما في الأمر أعراض انتكاسة
وصبرنا بغباء نأكل العار الدفين
وصمتنا صمت القبر بين الصامتين
وسحقنا بين هول الأمر والحكم اللعين
نتلظى فوق نار الذل والقهر المهين
وقرعنا كل طبل
ولبسنا كل ذل
وعبرنا ما سموه زيفاً بالحدود
أين ذا البحر لكي نلقي به كل اليهود
كلُّ خوفي ان ذا البحرَ من الضيق
فلا يكفي اليهود
وسمعنا كل مذياع ينادي النازحين
انتصرنا وانتصرنا
قمت أصرخ:
أبتي هيا إلى الصخرة نرجع
عادت الأرض إلينا ها هو المذياع فاسمع
قم نصلي ابتي سجداً لله ركع
أبتي
آن أن تزهو وتفرح
آن أن تلهو وتمرح
إننا حقا سنرجع
ها هو المذياع فاسمع
ثم كان الغد
كأساً من أذل الكؤس يجرع
قد رجعنا وبحق غير أني لوراء كنت ارجع
لم تضع ارضي فسحب إنما ما ضاع أفظع
ضفتي الحرة راحت
قبلها سيناء ضاعت
وجبال عند جولاني بيعت
كنت أهفو الأمس لاستقبال جيش الفاتحين
فإذا بي وا لذلّي اخرج اليوم
بجيش من جديد لاجئين
غير أنا هذه المرة ادركنا الطريق
أيها اللاجئ في خيمة ذلٍّ يا رفيق
ليس لي إلا الحزام المر والسيف العتيق
ليس إلا رصاصات البنادق
ليس لي إلا الربايا والخنادق
ليس لي إلا كتاب الله في صدر البيادق
ليس لي الا رسول الله يزهو بالفيالق
ليس لي إلا بجند الله قداما زواحف
ليس لي إلا سيوف الله تعلوها المصاحف
ليس لي إلا بعالي الجنتين
ليس لي إلا بإحدى الحسنيين
لأمت حراً إذا وافتني اليوم المنية
ِلأَمُت حراً وفي كتفي بقايا بندقية
لأمت ما دمت لا أسال غير ما أريد
لأمت ما دمت لا أوصف باللاجئ الشريد
لأمت فوق ثرى ارضي السلبية
لأمت فوق ثراك الحر يا أرضي
فلسطين الحبيبة